هل ينتحر برشلونة مادياً بالابقاء على ميسي!

12:58 م, 18 يوليو 2021
اللاعب النجم ليونيل ميسي
اللاعب النجم ليونيل ميسي

اتفق برشلونة مع نجمه ليونيل ميسي على البقاء معه لخمس سنوات، في ظل معاناة غير مسبوقة لحل أزماته المادية، وهو يدرك انه لو بدأ منافسات الدوري غداً لن يكون بامكانه تسجيل جوهرته الأرجنتينية لانه سيتعدى حده الأقصى في المصاريف على الرواتب وبالتالي سيكسر قانون العدل المادي المشدد الذي وضعه الاتحاد الاسباني لمنع الاندية من الافلاس.
ورغم موافقة ميسي على القبول بأقل من نصف ما كان يتقاضاه في عقده السابق المقدر بـ72 مليون يورو صافياً سنوياً، الا ان تأثيرها سيكون محدودا في تقليص حجم الديون المهولة للنادي والمقدرة بمليار و200 مليون يورو، ولهذا يصارع الرئيس خوان لابورتا لتقليص ما أمكن من جبل الديون، مع اعادة جدولتها وهيكلتها، كي يتمكن من تسجيل ميسي «الحر» بعد انتهاء عقده في نهاية الشهر الماضي، بعدما تلقى تحذيرات جدية وصارمة من رئيس رابطة الليغا خافير تيباس بان على برشلونة تقليص المصاريف وحجم الرواتب بصورة كبيرة، ليس فقط كي يتمكن من تسجيل ميسي كلاعب، بل أيضا كي يستطيع تسجيل الصفقات الجديدة أغويرو وديباي وغارسيا، واذا أخفق برشلونة في توفير وتقليص 100 مليون يورو، فلن يشارك هؤلاء في الموسم الجديد، بل سيتعين أيضاً اطلاق سراح عدد من النجوم الحاليين من اصحاب الرواتب العالية مثل غريزمان.
ميسي الذي قال في يوم من الأيام انه لا يمانع باللعب مجاناً لبرشلونة، لديه أيضاً ارتباطاته وأعماله وشركاته الخاصة، التي تحتاج إلى مداخيل مرتبطة بما يحصل عليه من البارسا، فالتصريحات العاطفية تصبح عادة كلمات عابرة غير قابلة للتطبيق العملي، فبعد 20 عاماً في الفريق الذي حقق معه 34 بطولة، فانه يبقى لاعباً حراً إلى اليوم، حتى لو مضى على اتفاق التجديد، وإلى حين التسجيل الرسمي في رابطة الدوري.
ميسي يدرك انه يريد البقاء، وعائلته ايضا تريد البقاء، ورحيل الرئيس السابق بارتوميو وقدوم لابورتا سمح بكسر الجليد، خصوصاً مع الوعد بتشكيل فريق واعد قوي من حوله، بوجود فاتي وبيدري ودي يونغ. لكن كل ناد في اسبانيا أعطي السقف المسموح في الصرف خلال الموسم الجديد، ويجدد في مطلع العام، والحد الاقصى للانفاق يحسب بقيمة مداخيل النادي منقوصا منها المصاريف والانفاق والديون، فبرشلونة أعطي سقفاً بـ671 مليون يورو لمطلع موسم 2019-2020، وهو الاعلى بين فرق الليغا بفضل مداخيله التي لامست مليار يورو، لكن بحلول يناير الماضي، خفض السقف إلى 347 مليون يورو، بسبب تقليص المداخيل بفعل أزمة كورونا، وقبل بدء الموسم الجديد، يتردد ان هذا السقف قلص أكثر ليصل إلى 200 مليون يورو كحد أقصى. لتبرز معاناة برشلونة المادية، التي وصلت إلى حد كارثة مهددة للكيان، كون النادي دائماً انفق ودفع رواتب ضمن حدود سقفه الاعلى، ولم يترك أي هامش للتعافي، وبالتالي هو يعاني أكثر من نظرائه كريال مدريد، خصوصاً انه خسر 350 مليون يورو من مداخيل حضور الجماهير والسياح.
عقد ميسي الاخير فاق 500 مليون يورو باحتساب المكافآت والتجديد والراتب الاساسي، وهو رقم خيالي، لكن باحتساب الراتب الصافي البالغ 72 مليون يورو الموسم الماضي، فانه مثل 20% من مجموع السقف الاعلى وهو 347 مليوناً، وحتى لو قلص الراتب إلى النصف في العقد الجديد فانه سيمثل 18% من السقف الاعلى الجديد وهو 200 مليون يورو، هذا كله سيترك النادي يبحث عن تقليص 100 مليون لتسجيله، وهذا قبل التفكير حتى في تسجيل أغويرو وديباي الذي طلب منه تقليص راتبه 30% بعد 3 أسابيع من ضمه. ورابطة الدوري تشدد على هذا القانون، ونجحت في منع خيتافي من تسجيل لاعبه بيدرو ليون في 2014 لانه تخطى حده المسموح، وأمضى اللاعب 5 شهور بدون لعب.
لابورتا يعمل على حلول عدة، بينها استدانة 525 مليون يورو لاعادة جدولة بعض الديون ودفع مستحقات عاجلة، بينها أقساط ضم لاعبين سابقين، ككوتينيو من ليفربول، وأيضاً لدفع رواتب متأخرة لبعض اللاعبين، ونجح في بيع فونتي وتوديبو وألينيا وفيربو ليجمع نحو 35 مليوناً، وتخلص من راتب ترينكاو باعارته. ورغم ذلك فان برشلونة قلص 15 مليونا من مجموع الرواتب فقط، ومثلما قال تيباس فان كل 4 يورو يدخلها ويوفرها برشلونة بامكانه انفاق يورو واحد منها، وكمثال اذا كلفت العقود الجديدة مثل ميسي وأغويرو ما مجموعه 50 مليونا في الرواتب، فانه على برشلونة تقليص وتوفير 200 مليون يورو. ولهذا يلح لابورتا على رحيل غريزمان صاحب الراتب الاعلى حاليا، ومبادلته بساؤول، ويبحث عن «تطفيش» بيانيتش واومتيتي وكوتينيو وديمبيلي (المصاب) وبريثويت، او سينتقل إلى الخطة التالية لبيع تيرشتيغن ودي يونغ ولانغليه، واقناع الرموز بيكيه وألبا وبوسكيتس بمزيد من التخفيض في رواتبهم، فقط ليصل إلى جزء من الحلول لكارثة ادارة بارتوميو.
هل ينتحر برشلونة باعادة ضمه ميسي؟ ربما لا، لكن في ظل الظروف الحالية، فانه عليه التضحية بالكثير من أجل الابقاء على الجوهرة التي تدخل ثلث مداخيل النادي من الرعاة والاعلانات والحضور الجماهيري، بل ميسي هو سبب ابقاء الليغا دورياً مرغوباً وذا قيمة في حقوق البث، بل خزينة الدولة تحتاج ماله الذي يدفعه على شكل ضرائب، والمساوية لمجموع الضرائب التي يدفعها 180 ألف اسباني سنوياً.
لكن تيباس لن يتساهل على الاطلاق مع بقاء ميسي في الليغا، وهو يدرك ان الطليان اعتقدوا انهم بضم رونالدو سترتفع قيمة حقوق الكالشيو، لكن في الواقع خسروا 200 مليون يورو من حقوق البث العالمية، وانخفضت المداخيل المحلية 10%، ولهذا لن يغامر بالسماح للعاطفة ان تحكم بل للعقل الحكيم ان يقول كلمته.