الحديث ذو شجون ...مونديال الخليج

04:25 م, 05 يناير 2023
الحديث ذو شجون ...مونديال الخليج

بقلم : فايز نصّار - شبكة بلدنا الاعلامية
لبست البصرة المجيدة حللها القشيبة ، استعدادا لاستضافة بطولة كأس الخليج في نسختها رقم 25 ، واستعد نشامى العراق بشكل جيد لاستضافة البطولة ، التي تشكل منعرجاً هاماً في استعادة العراق لهيبته التنظيمية والتنافسية بعد السنوات العجاف ، التي اندحر خلالها دور هذا البلد الرائد ، لأسباب ذاتية ، وأخرى موضوعية ، ولكن همة رجال الرافدين عازمة على فتح صفحة جديدة ، يبشر بها توافق الهمم ، وتلاحم السواعد ، والبنية التحتية والرياضية ، التي أنجزها العراقيون ، لعلهم يقنعون المؤسسات الاقليمية والدولية للثقة بإمكانيات العراق التنظيمية مستقبلاً .
ولا يمكن فتح ملف بطولة الخليج دون الخوض في المطبات السياسية المعوقة ، فمنذ مطلع القرن الماضي حاولت قوى الاستكبار العالمي بث الفرقة بين أمة العرب وجيرانها ، سعياً لفرض السيطرة، والاستيلاء على الثروات .. وكان الخليج العربي المكان المناسب لزرع القنابل الموقوتة ، التي استخدمها أعداء لتفريق شعوب الخليج العربي ، مركزين على تسليط الاضواء على المناكفات بين العرب وجيرانهم الإيرانيين ، ناهيك عن الخلافات السياسية بين عدد من أنظمة الخليج وبعضها ، وخاصة مع دولة العراق ، الذي يتميز شكل الحكم فيه عن أنظمة الحكم الخليجية .
وخطط الغرباء للوقيعة بين جيران الخليج ، مركزين على تسمية هذه البحر المحاط بالمسلمين ، والذي لا يتفق العرب والفرس في تسميته منذ زمن ، حيث يصر الايرانيون على تسمية الخليج ب " الخليج الفارسي " ، وهذا ما كان يتبناه الإعلام الغربي ، فيما يتوافق العرب على تسمية الخليج ب " الخليج العربي " ، وقد علمت أن الرئيس الراحل ياسر عرفات اقترح يوماً على الامام الراحل الخميني تجاوز الأمر بالتوافق على تسميته ب " الخليج الاسلامي " ، ولكن اقتراح عرفات لم يناقش حتى يومنا !
وتسبب الأمر في وقوع الكثير من الحروب ، التي جلبت الويلات على شعوب المنطقة ، وخاصة في حرب الخليج الأولى ، التي استمرت ثماني سنوات بين العراق وايران ، والتي قال عنها وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك هنري كيسنجر : إنها المباراة ، التي أتمنى أن يخسر فيها الفريقان ، وهذا ما كان فعلاً .
ورغم أنّ دول مجلس التعاون الخليجي وقفت مع العراق - بالباع والذراع - في الحرب العراقية الايرانية ، إلا أن الحرب اشتعلت من جديد بين الكويت والعراق ، الذي أقدم على احتلال لكويت ، بما أدى إلى انقسام الأمة ، وأسفر عن تشكيل التحالف الدولي ، المدعوم عربياً ، والذي جلب الدمار على العراق ، وغير العراق ، وتواصلت تداعياته ، حتى القضاء على النظام العرقي ، الذي كان يقوده حزب البعث .
ومنذ سنة 1970 توافق الخليجيون العرب على تنظيم بطولة كاس الخليج ، التي كانت الحاضنة لشعوب المنطقة ، وساهمت في تأليف القلوب ، والنهوض بكرة القدم في المنطقة ، بما أسفر عن مشاركة خمسة منتخبات خليجية في بطولات كأي العالم ، منذ مشاركة الكويت في مونديال اسبانيا 1982 ، وصولاً إلى تنظيم البطولة في قطر قبل أسابيع .
ورغم بعض العقبات التي اعترضت البطولة في بعض محطاتها ، إلا إنّ تنظيمها كان خطوة في الاتجاه الصحيح ، ودليل ذلك تواصلها على مدار أكثر من خمسين سنة ، وتحولها إلى كرنفال خليجي يجمع شعوب المنطقة ، الذين يرون البطولة أهم منافسة دولية بعد كاس العالم ، وتتقدم على بطولة كأس العرب ، التي انطلقت منتصف الستينات ، ولكنها عانت من عدم الانتظام .
وانطلقت بطول كأس الخليج العربي في البحرين سنة 1970 ، وكانت البداية بمشاركة منتخبات البحرين ، والكويت ، والسعودية وقطر ، ثم التحقت بالبطولة الامارات سنة 1972 ، وسلطنة عمان 1974 ، والعراق 1976 ، فاليمن سنة 2003 .
وتعرضت البطولة خلال مسيرتها الطويلة إلى العديد من المطبات ، ومعظمها بسبب الحساسيات السياسية ، وتَنَمُر بعض القادة ، الذي حملوا خلافاتها إلى الملاعب الخضراء ، ومن أهم المحطات السوداء في تاريخ البطولة انسحاب العراق من بطولة 1982 في الامارات ، وانسحاب السعودية ثم العراق من بطولة 1990 في الكويت ، وحرمان نجوم العراق من المشاركة في البطولة ، رغم أنهم لا ناقة لهم ولا جمل في الخلافات السياسية . والطريف أنّ انسحاب السعودية من بطولة 1990 جاء اعتراضا على شعار البطولة ، الذي يذكر السعودية بمعركة مع الكويت ، فيما كان الانسحاب العراقي بأوامر من الراحل عدي صدام حسين ، بذريعة تحيز الحكام .
ومنذ احتلال العراق للكويت سنة 1990 مُنع منتخب العراق من المشاركة في البطولة ، ولم يعد العراقيون للمشاركة إلا سنة 2004 ، فيما كان من المفترض إقامة بطولة 2013 في العراق ، ولكن بسبب الأحداث السياسية الداخلية ، نقلت البطولة إلى البحرين .. لتعود أجواء التوتر السياسي لفرض نفسها في ثنايا البطولة، في خضم الحصار الذي فرضته السعودية والبحرين والامارات على شريكة بطولة الخلي دولة قطر .
وتدين فكرة تنظيم البطولة للأمير خالد الفيصل ، وقد عرض البحريني الشيخ محمد بن خليفة الفكرة على رئيس الفيفا ستانلي روس ، على هامش دورة مكسيكو الأولمبية سنة 1968 ، وتمت الموافقة على تنظيم البطولة ، التي هيمن عليها الأزرق الكويتي ، الفائز باللقب عشر مرات ، مقابل ثلاث مرات لكل من العراق ، والسعودية ، وقطر ، ومرتين لكل من الامارات ، وسلطنة عمّان ، ومرة واحدة للبحرين .
وساهمت بطولة كاس الخليج خلال مسيرتها الرائعة في تطور كرة القدم في المنطقة ، وظهر بين المنتخبات المشاركة الكثير من النجوم ، ممن رصعوا أسماءهم بالذهب ، من بينهم هداف البطولة الكويتي جاسم يعقوب برصيد 18 هدفاً ، يليه العراقي حسين سعيد ، والسعودي ماجد عبد الله برصيد 17 هدفا لكل منهما ، ولكن العراقي حسين سعيد سجل خمسة أهداف في بطولة الخليج ، التي انسحب منها العراق في الامارات سنة 1982 ، وإلا لكان هداف البطولة برصيد 22 هدفاً .
ومن النجوم الذين خلدوا أسماءهم في البطولة الكويتيون فيصل الدخيل ، وأحمد الطرابلسي ، ويوسف السويد ، وحمد بوحمد ، وعلي الملا ، وبدر المطوع ، جاسم الهويدي ، والعراقيون فلاح حسن ، ورعد حمودي ، وعدنان درجال ، وأحمد راضي ، وحبيب جعفر ، والقطريون منصور مفتاح ، وعادل خميس ، ومحمود صوفي ، ومبارك مصطفى ، والإماراتيون فهد خميس ، وزهير بخيت ، وعلي مبخوت ، واسماعيل مطر ، وعدنان الطلياني ، والبحرينيون طلال يوسف ، وعلاء حبيل ، وابراهيم الزويد ، وحمود سلطان ، والسعوديون ياسر القحطاني ، وسعيد غراب ، وسامي الجابر ، وسعد مذكور ، ومحمد المغنم ، وصالح النعيمة، والعمانيون عماد الحوسني ، وهاني الضابط ، وعلي الحبسي ، وحسن ربيع .
وتفتح بصرة العرب حلتها لاستضافة نجوم الخليج العربي من جديد ، في انتظار فتح شعوب المنطقة صفحة جديدة من التألق والإبداع ، بعيداً عن حساسيات السياسة ، لأن الرياضة تجمع ، والسياسة تفرق ، كما قال كثير من الحكماء .
والحديث ذو شجون

الحديث ذو شجون ...مونديال الخليج
الحديث ذو شجون ...مونديال الخليج
الحديث ذو شجون ...مونديال الخليج
الحديث ذو شجون ...مونديال الخليج