حدث هذا .. مونديال فلسطين

10:30 ص, 23 ديسمبر 2022
حدث هذا .. مونديال فلسطين

فايز نصّار - شبكة بلدنا الاعلامية
لست أدري إن كنت وحدي لم أصل إلى نتيجة حول العوامل التي ساهمت في دفع الجرح الفلسطيني تحت قبة المونديال ، فالله يعلم أنني لا اعرف إن كان الأمر عفوياً ، أم أنّ جيشاً من الجنود المجهولين عملوا بصمت لتحقيق هذا الاختراق ، الذي خدم القضية الفلسطينية أكثر مما فعلته كل الوسائل النضالية الأخرى !
ولا تمنعني الحيرة من الانحياز للرأي الثاني ، لأنّ العفوية لا يمكن أن تتسلل بهذا الحجم ، الذي ساهم في جعل فلسطين – كما أقر الجميع – المنتخب الثالث والثلاثين في المونديال ، وجعل الأعلام والكوفيات الفلسطينية تزين كلّ مرافق كأس العالم ، وتُرفع من قبل جماهير معظم المنتخبات ، لتتحول الكثير من التجمعات الشعبية ، التي نظمت في قطر إلى منتديات مونديالية ، تحاور في أكنافها الخيرون حول مظلومية آخر شعب يعاني من الاحتلال البغيض .
ولن أعدد هنا المكاسب الفلسطينية من المونديال، الذي أعاد الروح للقضية ، وأثبت للجميع حيوية الشعوب العربية والإسلامية ، التي لا تنسى القضية الفلسطينية ، ولا تنسى معاناة الشعب الفلسطيني ، في انتظار وقفة فلسطينية جادة تستوعب الدرس المونديالي ، الذي اجتمعت فيه شعوب الأمة حول فلسطين ، بما يعني أنّ القضية التي وحدت كل الخيرين ، لا يجب أن تكون سبباً لانقسام أهلها !
ويقتضي استيعاب الدرس القطري فلسطيناً دراسة متأنية لكلّ ما حدث في هذا المونديال ، لأننا كفلسطينيين نحث الخطى نحو السؤدد والمجد ، الأمر الذي لا يتحقق إلا بالتخطيط ، والعمل ، ودراسة تجارب الآخرين ، والاستفادة منها بشكل يراعي حسابات الحقل والبيدر ، ولا يموت فيه الذئب ، ولا تفنى الغنمات !
وأجزم أنّ أول درس من هذا المونديال يتعلق بحسن التنظيم والإعداد ، والاستغلال المهني لكل الطاقات البشرية ، والموارد المادية ، ضمن شفافية لا يمتطي فيها الخباز الجياد ، ولا يتدخل الفرسان في عمل الفرانين ، لأنّ الأصل أن يبدع كلّ في مجاله ، بما يقتضي حسن اختيار المبدعين للمهام المختلفة ، بعيداً عن كل الحسابات غير المهنية !
ويجب أن تكون بداية استخلاص العبر بدراسة التقارير المختلفة ، التي أعدها من حضروا المونديال بصفة رسمية ، إذ يفترض أنّ هؤلاء سجلوا بدقة ملاحظاتهم ، التي من شأنها مساعدة مشروعنا الرياضي الواعد ، ولا يجب أن يستهين البعض بأيّ فكرة قد تأتي من أي شخص ، لأنّ الحصوة الصغرى ، تسند الصخرة الكبرى !
ولن أقف طويلاً عند هوية من حضروا المونديال ، أياً كانت صفتهم ، وأياً كانت الجهة التي أوصلتهم إلى هناك ، لأنّ الأصل ان تكون المهنية والشفافية رأس الأمر ، وأن يكون من ساهموا في اختيار سفرائنا إلى المونديال يتقون الله ، ويحسنون اختيار فرسان المعركة ، ورجال المهام الصعبة ، بعيداً عن المجاملات ، والحسابات غير المهنية ، التي من شانها التقليل من حجم الإنجاز .
ولا أتحدث هنا عن آلاف الفلسطينيين، الذين وصلوا قطر كمشجعين ، وكان سفرهم من حرّ مالهم ، وساهموا بعفوية في إيصال الكثير من الرسائل الفلسطينية .. فشخصياً أعرف 15 فلسطينياً ذهبوا إلى قطر من جيوبهم ، ورتبوا الأمر من أشهر ، حيث استأجروا شقة جماعية ، وحضروا العديد من المباريات والفعاليات بعيداً عن الجلبة ، بمعنى أنّ كلامي يستهدف جميع من ذهبوا إلى قطر في مهام رسمية ، كمسؤولين ، أو إعلاميين ، أو مدربين ، أو نجوم قدامى ، وصولاً إلى المتطوعين .
ولا بدّ هنا من التوضيح بكوني غير معترض على جميع هؤلاء ، فمعظمهم يستحق هذا التكريم ، رغم أنّ المهمة تكليف ، وليست تشريف ، ولكنّ للأمانة هناك بعض من ضمتهم القوائم قُدموا على كوادر أكثر منهم كفاءة ، وأقدر على القيام بمهمة تشريف فلسطين في مثل هذه المنتديات ، وهل يستطيع عبد فقير مثلي مجرد الحديث عن تواجد كوادر من أمثال ناجي عجور ، وغسان بلعاوي مثلاً ؟
وحتى لا ندخل في قيل وقال ، أدعو لطيّ صفحة المشاركة الفلسطينية في المونديال القطري ، وفتح صفحة جديدة قوامها حسن اختيار الكوادر للمهام القادمة ، والأمر يقتضي تحديد المهام مسبقاً ، واختيار اللجان المحايدة للتميز بين المترشحين ، ووضع المعايير المهنية النزيهة للمفاضلة بينهم ، وصولاً إلى اختيار الأفضل ، حتى لا تدخل العشوائية في اختيار وفدنا الإعلاميّ ، ولا يُبعِد الارتجال نجوماً من طينة مروان كنفاني ، وعارف عوفي ، وزكريا مهدي ، جمال الخطب ، وموسى الطوباسي ، ابراهم مناصري ، وعبد القادر الأبزل ، وحاتم صلاح عن وفد يحمل اسم " قدامى نجوم فلسطين " ، وحتى نسكت الألسنة ، التي تغمز من قناة بعض من مثلوا الوطن في المونديال الأكبر ، وحتى لا يظهر من يثبت لنا أنّ هذا النجم شارك في البطولة الفلانية ، وذاك النجم لم يكن ضمن قائمة البطولة العلنتانية !
ورغم هذه الملاحظات - التي أتمنى أن تدرس بدقة من قبل المسؤولين – يتوافق الجميع على أنّ فلسطين كانت أكبر الفائزين في المونديال القطري ، وأن الإنجاز العربي يشمل نجاح تنظيم دولة قطر ، ونجاح أسود الأطلس في بلوغ مشارف البطولة ، ونجاح الجنود المجهولين في اسماع كلّ الدنيا صوت المظلومية الفلسطينية !
الجمعة : 23 كانون أول

حدث هذا .. مونديال فلسطين
حدث هذا .. مونديال فلسطين
حدث هذا .. مونديال فلسطين