حدث هذا .. في مونديال كأس العالم في قطر ..سقوط المنشافات

11:31 ص, 24 نوفمبر 2022
حدث هذا .. في مونديال كأس العالم في قطر ..سقوط المنشافات


فايز نصّار - شبكة بلدنا الاعلامية
يواصل قطار المونديال القطري شقّ طريقه الحضاري ، حاملاً في عرباته أحلام 32 منتخباً من مختلف القارات ، ومقدماً للبشرية جمعاء وجبات كروية ، استمتع به عشاق المستديرة من مختلف الدول ، في انتظار أن ييترجل من عربات القطار 16 منتخباً ، يغادرون على متن الطائرات الأولى التي تغادر الدوحة .. وعلى أمل أن يساهم هذا المونديال في تغير الكثير من مفاهيم الجلد المنفوخ ، تحت سقف الحرية ، والعدالة ، واحترام مُثل الآخرين ، وكون الضيف أسير المحلي !
ورغم البداية السيئة لسفرائنا العرب في هذا المونديال العربي ، بالخسارة الافتتاحية لرجال العنابي أمام اكوادور ، في مباراة لم يحضر فيها القطريون لا بدنياً ولا ذهنياً ، رغم ذلك إلا أنّ نتائج المنتخبات العربية في الجولة الأولى من الدور الأولى مدعاة للفخار ، حيث لعبت المنتخبات العربية أربع مباريات تعادلت في اثنتين ، وخسرت الثالثة ، وكسبت الرابعة .
ويبدو أن العربان اقتنعوا - ولا متأخرين - بجدوى الحصانة الدفاعية ، وكون ثبات حالة الخطوط الدفاعية يشحن بطاريات جميع اللاعبين بالثقة ، فحافظوا على رباطة جأشهم ، وعملوا أولاً على عدم تلقي الأهداف ، في انتظار تفتح شهية الهدافين في الجولتين القادمتين .. واللافت أن شباك منتخباتنا الأربعة لم تستقبل إلا ثلاثة أهداف ، منها هدفان من ضربتي جزاء في لقائي السعودية وقطر ، سجلهما ميسي ، وفالنسيا .
وأكمل اسود الاطلسي حكاية النجاح العربي ، بلعبهم مباراة كبيرة ، وفرضهم التعادل السلبي أمام وصيف النسخة السابقة منتخب كرواتيا ، الذي بدا نجومه - بقيادة الكهل مودريتش -ّ عاجزين عن حل طلاسم أسود الأطلس ، ممن ذكرونا بأمجاد مونديال مكسيكو 1986 ، عندما تصدر المغاربة مجموعة تضم انجلترا ، وبولندا ، والبرتغال ، بعد التعادل مع انجلترا ، وبولندا ، والفوز المستحق على البرتغال بالثلاثة .. بوجود العتاولة الزاكي ، والتيمومي ، وبودربالة ، وكريمو ، والظولمي ، والبياز ..وغيرهم ، على أمل أن تساهم المباريات القادمة في إنجاب جيل مغربي جديد ، يصنع في الملاعب أكثر مما صنعه جيل مكسيكو .
وعلى غير العادة فرح المتابعون لخسارة المانشافت الألمانيّ أمام المنتخب الياباني الواثق ، بنتيجة هدفين لهدف ، بما يمنح الكرة الآسيوية المزيد من النقاط في مطالبتها بالمزيد من المقاعد في حصة ال 48 مقعد المخصصة للمونديال القادم .
ويتحمل مدرب المانشافت هانز فيلك الكثير من المسؤولية في دخول لاعبيه المونديال من الباب الضيق ، لأنّه لم يكن مهنياً في حشد تركيز نجومه الموهوبين تجاه المباراة ، وراح يشتت أذهانهم بأمور لا علاقة لها بعمله الفني ، فارتبكت إعدادات المرسيدس ، وظهر المنشفتيون بشكل محزن .
وكان فيلك بدأ خرجته غير الفنية منذ وعد بعدم احتفال المنتخب الالماني باللقب - إذا فاز به - في قطر ، وسيُؤَجل الاحتفال إلى بلاد الحرية والعدالة ، التي تسببت - لمن ما زال يذكر - في حرب كونية أودت بحياة ما يزيد عن خمسين مليون بني آدم ، وكأنّي بهذا الهانز متأكد بأنّ بلاده ستحظى باللقب ، ناسياً أنّ قرايب القائمين على مونديال الخيمة العربية طالما رددوا : حذار من بيع جلد الدبّ قبل صيده !
وأكمل الألمان خروجهم عن النص بلقطة تكميم الأفواه ، التي توافقوا على استفزاز مشاعر الخيرين بها في الصورة الجماعية ، محتجين على منعهم من تسويق شارة قوس قزح ، التي تدعو للفاحشة والرذيلة ، وتتضامن مع ممارسي اللواط والسحاق ، لأنّ فيفا منعت لوطيِّهم الأكبر نوير من حمل شارة المثليين ، كما أنّ المنظمين القطريين منعوا طائرتهم المزينة بألوان المثليين من دخول الدوحة الجميلة .
ويبدو أنّ في خسارة الألمان شيء من " خَطِية " الألماني المسلم مسعود اوزيل ، الذي دمروه بسبب ممارسته حرية الرأي تجاه ما يقترفه الصينيون بحق مسلمي الإيغور ، فأين كانت حرية الرأي يومها يا أحفاد هتلر ؟ وماذا كان موقف نجوم المانيا عندما صرح سليل العثمانيين بأنهم يعتبرونا ألمان عندما نفوز ، ومهاجرين عندما نخسر !
المهم أنّ الساموري عرفوا استوعبوا جموح الألمان في الشوط الأول ، وعاقبوهم على تشتت أذهانهم في الشوط الثاني بهدفين ، يعيدان للذاكرة انتصار الكوريين الجنوبيين على المانشافات نفسه في بلاد الروس ، ويومها حزن محبو ألمانيا - وأنا منهم – على أمل أن يستجيب الله دعائي ، ودعاء الخيرين ، ويغادر حماة المثلية على أول طائرة .
وإذا كانت لعنة اوزيل قد اصابت المانشافت في مقتل ، فإن لعنة العراق العظيم نسفت أحلام منتخب النصابين كوستاريكا ، الذي سمعت معلقنا الراحل اكرم صالح يدعو المصريين إلى ضربهم بالعشرة ، في لقاء المنتخبين بأولمبياد لوس انجلس 1984 ، لأنّ كوستاريكا كانت تفكر في نقل سفارتها إلى القدس المحتلة ، والله يشهد أنني كررت الدعوة نفسها مساء الأربعاء في برنامجي جماهير الملاعب ، ولكنّ مصارعي الثيران اكتفوا بسباعية ، عاقبت الكوستاريكيين على حنثهم بعهد لقاء البصرة التجريبي مع العراق ، رغم أنّ أبناء الرافدين دفعوا من حرّ مالهم تكاليف إقامة النصابين في فندق بالكويت ، وكان عذرهم يومهم أقبح من ذنب ، لأنّهم رفضوا أن يختم العراقيون على جوازاتهم ، فهل يستطيع حرامية كوستاريكا دخول أي دولة دون ختم دخول ؟
ولا يجب أن يعتقد البعض بأنّ كل الامور في المونديال وردية ، فوجود حكم مثل الغامبي باكاري غاساما في هذا المونديال – مثلاً - يعتبر خطيئة ما كان على شيخ الحكام الاصلع القبول بها ، رغم علمي أنّه – كولينا – اتخذ موقفاً برفض وجود الحكم ، ولكنّ ضغط الجموع الافريقية جعل السيد انفانتينو يوافق على وجود هذا الحكم ، الذي ساهم في إقصاء منتخب الجزائر ، وتأهل الكاميرون ، بعد مباراة كانت الأخطاء فيها كارثية .
وها هو السيد غاساما يثبت للقاصي والداني أنّه ليس في مستوى الحدث ، من خلال إدارته المرتبكة للقاء كندا بلجيكا ، الذي كان يمكن أن يشهد التعادل ، أو فوز كندا لو أدار المباراة حكم آخر ، لأنّ أخطاء غاساما كانت جلية ، ومنها ضربتي جزاء على أقل تقددير !
ورغم هذه المنغصات يواصل قطار الدوحة المونديالي شق طريقه ، والأكيد أنّ القطار يستوعب الجميع ، وركابه من مستويات مختلفة ، ومن جنسيات وأديان ، وأثنيات مختلفة ، بما يجعلنا نتفهم ما قد يحصل هنا أو هناك من أمور غير مقبولة ، لأنّ أمزجة الناس كبصمات اصابعهم !
الخميس : 20تشرين ثاني 2022