بقلم الزميل فايز نصّار - خاص شبكة بلدنا الاعلامية
تفاعلت الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج مع نجاح المنتخب المغربي في بلوغ مربع المونديال الذهبي ، لتزداد لوحة المونديال العربي جمالاً ، ويزيد تصفيق الخيرين لهذه الأمة ، التي تستطيع أن تصنع المستحيل إذا اتيحت لها الفرصة ، وأحسنت استغلال طاقاتها المادية والبشرية .
وأصبح ليوث الأطلس عرسان المونديال ، بوصولهم عن جدارة واستحقاق لمربع الكبار ، في انتظار مزيدا من النجاحات ، التي لن تقلل من قيمة الإنجاز المغربي ، حتى لو لم يوفق الأسود في اللقاءين القادمين ، لأنّ فوزهم على بلجيكا ، وكندا ، وإسبانيا ، والبرتغال ، وتعادلهم مع كرواتيا يشكل إنجازاً غير مسبوق ، بما ألهب مشاعر الجماهير العربية والافريقية !.
وبعد الفوز على البرتغال أصبح أسود الأطلس أول منتخب عربي وأفريقي يتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم ، معززاً سجله السابق ، عندما أصبح أول منتخب عربيّ ، وأفريقي يتأهل لدور ال 16 في مونديال مكسيكو 1986 .
وقدم المغرب للعالم مدرسة دفاعية ، فيها شيء من تنظيم الكتيناتشو الايطالي ، حيث لعب رجال الرقراقي 480 دقيقة ، لم تهتز شباكه خلالها إلا مرة واحدة ، وبهدف ذاتي في مباراة كندا ، ناهيك عن الأوقات بدل الضائع ، والتي قد تصل في المباريات الخمس إلى ما يزيد عن ستين دقيقة ، ليصبح المنتخب المغربي الأقوى دفاعاً في مونديال قطر ، وفق إحصائيات الفيفا .
ويتقدم المغرب كلّ المنتخب العربية من حيث تسجيل الأهداف في النهائيات ، فسجل الأسود 19 هدفا حتى الآن ، فيما أصبح المدرب وليد الرقراقي أول مدرب عربي وأفريقي يصل إلى نصف النهائي ، ناهيك عن كون المغرب أول منتخب عربي يتصدر مجموعته في كأس العالم مرتين ، وحقق لأول مرة فوزين في دور المجموعات في كأس العالم ، وهو أول بلد عربي يحصل على 7 نقاط في دور المجموعات.
وأصبح نجم تشيلسي المغربي حكيم زياش ، أول لاعب عربي يخوض 9 مباريات كاملة في كأس العالم ، وهو صاحب أسرع هدف عربي من مسافة تزيد عن ثلاثين مترا ، فيما أصبح مسجل هدف الفوز على البرتغال لاعب اشبيلية يوسف النصيري أول لاعب مغربي يسجل في نسختين من كأس العالم ، إضافة إلى نجاح الحارس ياسين بونو في صدّ ركلتي ترجيح ، ليصبح أول حارس عربيّ ينال هذا الشرف .
وترددت أصداء الإنجاز المغربي في جميع أنحاء العالم ، حيث عبر عشاق المنتخب المغربي في العلم العربي ، وفي الدول الافريقية ، وفي كثير من دول العالم الأخرى عن سعادتهم للنجاح المغربيّ غير المسبوق ، فعبر شاعرنا الحارس السابق محمود فايز بشير عن ذلك قائلاً :
فرحتُ حتماً لمن قد أفرحَ العربَا .. ف(مغربُ) العُرْبِ قد أوفَىٰ وما كذبَا
فريقهُ الغَضُّ ما ضاقَتْ بهِ سُبُلٌ .. .. صدَّ الكُراتِ وكَمْ قد أحْكمَ اللّعِبَا
قد جرّعَ الخصمَ ويْلاتٍ وألبسَهُ .... ثَوْبَ الهزيمةِ هدّافٌ لهُ سَرَبَا
ماليِ أرَىٰ العُرْبَ في الألعابِ قد صمدَتْ ،وعزمُها عندَ صدِّ الغزْوِ قد نضبَا
وثمن الدولي الفلسطيني ، الذي لعب لمنتخب النشامى إنجاز جميع لاعبي المغرب ، مركزاص على لاحارس الرائع ياسين بونو :
ياسينُ أنْتَ الفخرُ والإعزازُ ...بك ، باقتدارِكَ حُقِّقَ الإنجازُ
فعرينُكَ (المَرْمَىٰ) تصونُ حِياضَه ..قد كانَ في تحصينِهِ إعجازُ
ألحقْتَ فيمنْ قد أتاكَ مهاجِماً .. فشلاً ذريعاً ما مضَىٰ يمتازُ
قد كنتَ في صَدِّ الكراتِ كصخرة ..(رونالدُو) حَتَّىٰ لم يَعُدْ يجتازُ
يا مغربيُّ أَأَنْتَ شرقيُّ الهوَىٰ ...ألِ(قُدْسِنَا) تنوِي الوفَا تنحازُ ؟
وعمت الاحتفالات جميع المحافظات الفلسطينية ، حيث خرج المواطنون عفوياً إلى الشوارع ، واطلقوا العنان لزمامير السيارات ، وهتفوا لأسود الأطلس ، وشوهد عدد من الشبان يوزعون الحلوى ، والقهوة العربية على المارة .
وكان الاحتفال الأهم في منطقة باب العامود في القدس المحتلة ، حيث تجمع آلاف الشبان ، وهتفوا للمغرب ، والقدس ، ولكن قوات الاحتلال نغصت عليهم احتفالهم ، ورمتهم بقنابل الغاز، بما يشكل حالة المحتلين النفسية ، على خلفية تحول المونديال إلى منتدى فلسطيني ، أعاد القضية إلى الطاولة !
ودخلت الفصائل الفلسطينية على خطّ الاحتفاء بالإنجاز المغربي ، وتوافقت على الأمر فتح وحماس ، فشاد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ بفوز المغرب قائلاً : إنّ أسود الأطلس خاضوا ملحمة كروية تاريخية ، فيما قال عبد اللطيف القانوع من حماس : " إنّ جماهير شعبنا الفلسطيني تحتفي بفوز المنتخب المغربي الشقيق ، ويباركون هذا الإنجاز الكروي الكبير "
واحتشد عشرات آلاف من المصريين لمتابعة المباراة في المقاهي والساحات والمنازل ، وتعالت صيحاتهم طيلة المباراة لمؤازرة المنتخب المغربي ، وعمت الفرحة قلوب اللبنانيين بفوز المنتخب المغربي ، وخرج المشجعون إلى الشوارع في مناطق مختلفة وهم يهتفون لفخر العرب ، واصفين فوزهم بأنه " انتصار للتاريخ ، وأنّه حلم كل عربي" ، فيما تفاعل الشارع الأردني مع تأهل المغرب لنصف النهائي ، ونشر الأمير الحسين بن عبدالله على صفحته : "أسود الأطلس يصنعون التاريخ. مبارك الفوز".
وكانت الفرحة لا توصف في ليبيا ، حيث كبرت مآذن المساجد لفوز المغرب ، فيما جابت الحشود التونسية الكثير من المدن ، للاحتفال بالنصر المغربي ، بمشاركة أبناء الجالية الجزائرية في تونس ، وعبر الجزائريون عن سعادتهم بالفوز المغربي عن جدارة واستحقاق ، وشهدت بغداد ، ومختلف مدن العراق احتفالات شعبية بتأهل المغرب ، ووصلت الاحتفالات إلى دولة الكويت ، والسعودية ، وسلطنة عمان ، والبحرين ، والامارات ، وسوريا ، والسودان ، واليمن .
وهتفت الجماهير للمغاربة في شوارع لندن ، وباريس ، ومدريد ، وبرلين ، وروما ، ورفعت الأعلام المغربية والفلسطينية ، ابتهاجا بالفوز التاريخي للمنتخب العربي الإفريقي ، ورددت الجماهير هتاف : "ما زال ما زال هذه البداية"، و"مبروك علينا" .. فيما مرت احتفالات المغاربة ، وأبناء الجاليات العربية هذه المرة دون تدخل البوليس في هولندا ، وبلجيكا ، حيث تجمّع آلاف من مشجعي المنتخب المغربي ، رافعين أعلاما ، وحاملين مفرقعات .. لتمتد اجواء الإنجاز الأكبر إلى اسطنبول ، حيث تحول ميدان التقسيم إلى ساحة احتفال بالحلم العربي !
الحمد لله .. ها هو الحلم يتحول إلى حقيقة ، والأمل في أنّ يواصل أسود الاطلسي غزوتهم المظفرة ، ولهم علينا أن نرفعهم على الأكتاف ، أياً كان موقعهم بين الأربعة الكبار .. والأمل أيضاً أن يتحول الإنجاز المغربي إلى عبرة لكل منتخباتنا العربية ، ليتعمم هذا الإنجاز مستقبلاً َ .
الاثنين : 12 كانون اول 2022